الفنانة الكويتية حياة الفهد تظل في واجهة الاهتمام الإعلامي والجماهيري بعد الأزمة الصحية التي تعرضت لها مطلع شهر أغسطس الماضي، حيث أصيبت بجلطة مفاجئة بعد يوم واحد فقط من خضوعها لعملية قسطرة، الأمر الذي استدعى إدخالها وحدة العناية المركزة بشكل فوري ووضعها تحت إشراف طبي مكثف. رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني والمسرحي خالد الراشد أكد في اتصال هاتفي أن الحالة الصحية للفنانة مستقرة، نافياً كل ما تردد في مواقع التواصل الاجتماعي حول تدهور حالتها أو فقدانها الوعي، مشدداً على أن الأطباء يواصلون متابعة وضعها بدقة وأن وزيري الصحة والإعلام في الكويت على تواصل مباشر مع الطاقم الطبي المشرف. هذه التصريحات ساهمت في تهدئة المخاوف المنتشرة بين محبي الفنانة الذين اعتبروا أن أي خبر يخص حياة الفهد يمثل حدثاً على مستوى الخليج والعالم العربي نظراً لمكانتها الكبيرة في مجال الدراما والفن.

حياة الفهد، المولودة عام 1948، تُعد من أبرز الوجوه في الفن الكويتي والخليجي، إذ تمتد مسيرتها الفنية لأكثر من خمسة عقود قدّمت خلالها عشرات المسلسلات والمسرحيات التي شكلت جزءاً من ذاكرة الجمهور العربي. الجمهور اعتاد أن يراها كل عام في عمل درامي ضخم خلال شهر رمضان، مثل "الحيالة"، "الفرية"، "جرح الزمن"، "الخراز"، و"أم هارون"، وهو ما جعلها تُلقب بـ"سيدة الشاشة الخليجية". لذا فإن أي خبر عن حالتها الصحية يكتسب أهمية مضاعفة، خصوصاً أنها تجاوزت السابعة والسبعين من العمر وما زالت تحافظ على حضورها الفني القوي.

الأزمة الصحية الأخيرة لم تكن الأولى في حياة الفهد، لكنها الأخطر، إذ أن الجلطة التي أصابتها فرضت عليها التوقف التام عن الأنشطة الفنية والإعلامية، مع منع الزيارة عنها في المستشفى حفاظاً على صحتها. تقارير طبية أكدت أن نقلها إلى الخارج للعلاج قد يصبح خياراً حتمياً في حال لم تتوفر الإمكانيات الطبية اللازمة في الكويت، وقد أبدت أسرتها وفريقها الطبي استعدادهم لذلك عبر الإخلاء الطبي. الحديث عن إمكانية سفرها إلى ألمانيا أو بريطانيا لاستكمال العلاج تردد بقوة، خاصة وأن هذه الدول تضم مستشفيات متخصصة في علاج الجلطات الدماغية وإعادة التأهيل.

الجمهور العربي تفاعل بكثافة مع أخبار حياة الفهد عبر منصات التواصل، حيث تصدرت وسم "حياة الفهد" قائمة الأكثر تداولاً في تويتر لعدة أيام. آلاف المتابعين كتبوا رسائل دعاء بالشفاء العاجل لها، فيما نشر حسابها الرسمي صورة مع آيات قرآنية دعاءً بالسلامة، ما اعتبره الكثيرون رسالة طمأنة من أسرتها. فنانون خليجيون وعرب مثل سعاد العبدالله، إلهام الفضالة، ناصر القصبي، وعبدالله السدحان عبروا عن تضامنهم، مؤكدين أن حياة الفهد ليست مجرد فنانة بل رمز من رموز الدراما الخليجية التي أسست لمرحلة كاملة من تاريخ الفن في المنطقة.

في موازاة ذلك، سلطت الأزمة الصحية الضوء على الإرث الفني الكبير للفنانة، إذ أن النقاد والإعلاميين استعادوا مسيرتها الطويلة بالحديث عن بداياتها في ستينيات القرن الماضي وكيف كسرت الحواجز أمام المرأة الخليجية في مجال التمثيل. حياتها الفنية ارتبطت بأعمال ناقشت قضايا المجتمع الخليجي مثل مكانة المرأة، صراع الأجيال، والتحولات الاجتماعية. مسلسل "الحيالة" الذي قدمته عام 2003 مع الراحل خالد النفيسي يُعد من أكثر الأعمال الكوميدية تأثيراً في ذاكرة المشاهد، بينما شكل مسلسل "جرح الزمن" علامة فارقة في الدراما الخليجية من حيث الطرح الجريء والمعالجة الدرامية.

الجيل الجديد من الجمهور الذي تابعها في أعمالها الأخيرة مثل "أم هارون" تعرف على جانب مختلف من قدراتها التمثيلية، حيث جسدت دور امرأة يهودية عاشت في الخليج، وهو عمل أثار نقاشاً واسعاً وقت عرضه. هذا التنوع في اختيار الأدوار جعل من حياة الفهد فنانة متعددة الأبعاد قادرة على ملامسة قضايا حساسة وشائكة. النقاد يعتبرون أن أعمال حياة الفهد لا تمثل ترفيهاً فقط بل تحمل قيمة توثيقية واجتماعية تضاف إلى أرشيف الدراما العربية.

من الناحية الطبية، أوضح الأطباء أن جلطة الدماغ تحتاج إلى متابعة دقيقة لإعادة التأهيل واستعادة القدرات الحركية والذهنية. بعض الحالات تتطلب علاجاً طويلاً قد يمتد إلى شهور وربما سنوات، ما يعني أن الجمهور قد يضطر إلى الانتظار فترة أطول لرؤيتها على الشاشة من جديد. إلا أن المقربين منها يؤكدون أن روحها القوية وعزيمتها المعهودة تجعلها قادرة على تجاوز هذه المرحلة، خاصة وأنها سبق أن واجهت ظروفاً صحية صعبة وتمكنت من العودة إلى العمل الفني بسرعة.

تاريخ الفن الكويتي لا يمكن فصله عن حياة الفهد، فهي واحدة من الأسماء التي ساهمت في بناء الدراما التلفزيونية منذ بداياتها. أعمالها لا تزال تعرض حتى اليوم على القنوات الفضائية والمنصات الرقمية، وهو ما يعزز من حضورها المستمر ويجعلها قريبة من كل الأجيال. شركات الإنتاج في الخليج تعتبرها من أهم الأسماء القادرة على ضمان نجاح أي عمل فني، ولهذا فإن غيابها المؤقت بسبب المرض يشكل خسارة للدراما الرمضانية القادمة إذا لم تستطع العودة سريعاً.

المتابعة الرسمية من وزارتي الصحة والإعلام في الكويت لحالتها الصحية تعكس حجم التقدير الرسمي والشعبي لمكانتها. خالد الراشد أكد أن الدولة لن تتردد في تسهيل إجراءات سفرها للعلاج بالخارج إذا تطلب الأمر، وأن كافة الإمكانيات مسخرة من أجل راحتها. هذه الرعاية تعكس أيضاً إدراك السلطات لأهمية حياة الفهد كرمز ثقافي وفني ليس للكويت وحدها بل للمنطقة كلها.

الجدير بالذكر أن حياة الفهد لم تكن ممثلة فقط بل كتبت وأنتجت بعض الأعمال، مما منحها خبرة شاملة في صناعة الدراما. كتاباتها تعكس دائماً خبرتها الطويلة وقراءتها العميقة للتحولات الاجتماعية في الخليج. لذا فإن غيابها عن الكتابة والتمثيل معاً قد يترك فراغاً لا يمكن ملؤه بسهولة.

الأوساط الإعلامية تحدثت أيضاً عن تأثير حالتها على الأعمال التي كانت تُحضّر لها لموسم رمضان المقبل، حيث كانت قد بدأت قراءة نصوص جديدة واختيار فريق العمل. توقف هذه المشاريع بسبب الأزمة الصحية يمثل تحدياً لشركات الإنتاج التي كانت تعول على اسمها الكبير لجذب المشاهدين.

في النهاية، تظل حياة الفهد شخصية محورية في الفن العربي، وحالتها الصحية ستبقى موضع اهتمام حتى تمام شفائها. جمهورها ينتظر أخباراً مطمئنة كل يوم، والوسط الفني يترقب عودتها إلى الشاشة من جديد. دعوات الملايين من محبيها تعكس مكانتها كفنانة وإنسانة أثرت في وجدان الناس على مدار عقود. الأزمة الصحية قد تكون محطة صعبة لكنها لن تمحو تاريخاً طويلاً من العطاء الفني والإبداع الذي رسخ اسم حياة الفهد كواحدة من أهم نجمات الدراما الخليجية والعربية